يوميات المعرض الدولي للكتاب والنشر : المواطنة، التعدد اللغوي، الإعاقة ومناهضة التمييز أبرز مواضيع اليوم الثاني في أنشطة رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان
احتضن رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان في اليوم الثاني من فعاليات معرض الدار البيضاء الدولي للنشر والكتاب (31 مارس 2013) ندوات تطرقت إلى مواضيع نجحت في جدب اهتمام زوار الرواق وخلقت فضاء للنقاش والتفاعل بين مختلف شرائح المجتمع (التعدد اللغوي والثقافي والإعاقة وداء فقدان المناعة المكتسب (السيدا) والثقافة والتراث غير المادي والمواطنة).هكذا وفي إطار الفقرة المخصصة لـ "ديناميات اللجان الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان" تناولت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية-ورزازات "التدبير الديمقراطي للتعدد اللغوي"، من خلال تنظيم قراءة في التقرير الأولي للندوة المنظمة بأرفود حول التعدد اللغوي والثقافي (12 و13 يناير 2013)، التي أرست قواعد صلبة للنقاش وشكلت أرضية مهمة لمواصلته. وقد ثمن المشاركون في ندوة الرواق ما جاءت به الوثيقة الدستورية بخصوص تلاحم مقومات الهوية الوطنية، "الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية - الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية" (التصدير)، بالإضافة إلى ترسيم الأمازيغية إلى جانب العربية، باعتبارها "رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء" والتنصيص على صيانة الحسانية، " باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة" وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب والانفتاح على اللغات الأجنبية (الفصل 5)، داعين إلى ضرورة تسريع إخراج القانون التنظيمي الذي "يحدد تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية" وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، الذي سيسهر على "حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية."
وفي نفس الإطار، احتضنت قاعة الندوات بالرواق المشترك بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة لقاء تناولت من خلاله اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بكلميم - طانطان موضوع "الثقافة والتراث غير المادي" الذي كان فرصة للحديث عن السياسات العومية المعتمدة في المجال (موسم طانطان نموذجا). وقد شكل اللقاء كذلك فرصة لرصد الحصيلة الأولية لهذه التظاهرة ، التي تصنفها منظمة اليونسكو ضمن التراث غير المادي للإنسانية. وقد دعى المشاركون في اللقاء الوزارة الوصية إلى التزام بتنفيذ برنامج العمل الخاص الذي تم تقديمه لترشيح موسم طانطان ليكون تراثا عالميا للإنسانية وصيانة المورث الثقافي غير المادي وتفعيل مقتضيات اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي التي صادق عليها المغرب في 2003 وعدم تحويل الموسم إلى مهرجان فلكلوري سنوي دون خطة استراتيجية أو هدف واضح المعالم.
إلى ذلك شهد "فضاء اللقاءات" بالرواق لقاء حول الإعاقة والأشخاص في وضعية إعاقة تطرق إلى موضوع "التربية الدامجة، تحدي لمستقبل الأطفال في وضعية إعاقة"، اعتبر خلاله المشاركون التربية الدامجة مفهوما حقوقيا شاملا يقوم على مبدأ التنوع البشري وتبني سياسات تربوية وتعليمية تأخذ بعين الاعتبار الاختلافات والتنوعات والاحتياجات الخاصة لكل فئة على حدى، لا تخص الأشخاص في وضعية إعاقة لوحدهم بل تخص كذلك أشخاص آخرين في وضعية هشاشة (الرحل، المهاجرون، أطفال الشوارع...) مبادئها عدم التمييز والمساواة وتكافؤ الفرص والولوجيات، معتبرين أن من أبرز معيقات هذه التربية هيمنة المقاربة الطبية في تعريف الإعاقة وغياب الولوجيات وانتشار التمثلات والتصورات السلبية حول الإعاقة والأشخاص في وضعية إعاقة وثقافة الشفقة والإحسان وعدم وجود قانون ملزم يحمي الحق في التعليم والولوج إلى المؤسسات التعليمية بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة وضعف برامج التحسيس وإذكاء الوعي لنشر ثقافة المساواة وتكافئ الفرص.
وبنفس الفضاء، وفي إطار "أوراش المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، تم تنظيم لقاء حول "داء فقدان المناعة المكتسب (السيدا) وحقوق الإنسان" تناول أسباب انشغال المجلس الوطني لحقوق الإنسان بهذا الموضوع الذي يرتبط بالحق في الصحة الذي يكرسه دستور 2011 (الفصل 20 والفصل 31) وتكفله إعلانات واتفاقيات دولية عديدة. وقد دعى المشاركون في هذا اللقاء إلى ضرورة اعتماد المقاربة الحقوقية لمواجهة هذا الداء، الذي بات لا يصيب الجسد فقط بل يمس الهوية والكرامة كذلك، وسن سياسات وقائية ناجعة واحترام حقوق المصابين والأشخاص المتعايشين مع فيروس فقدان المناعة المكتسب ومحاربة الوصم والتمييز الذي يشكل انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان، معتبرين أن حماية حقوق الإنسان في مجال السيدا مسؤولية جماعية (الفرد والدولة ومؤسساتها والمجتمع المدني والإعلام والمجتمع الدولي).
وفي إطار سلسلة "الفضاء الحر" (المواطنة في دائرة النقاش)، استضافت قاعة الندوات بالرواق السيدة فاطمة الزهراء طموح، أستاذة جامعية والتي اعتبرت أن المواطنة قضية شائكة وراهنة وأحد رهانات التنمية الديمقراطية والإنسان جوهرها، مؤكدة في حديثها عن الموضوع أن هناك ربط بين التنمية الحرية، حرية المبادرة وحرية الاختيار والمشاركة في المشاريع الوطنية ومشاريع التنمية، وأن لا حرية مع غياب وجود قناعة بالحرية. وقد اعتبرت السيدة طموح أن المواطنة لا تكتسب بالفطرة بل يجب الاشتغال عليها، مقسمة المفهوم إلى مواطنة عالمية خارج الحدود ومواطنة الدولة أو الدولة المواطنة وسياساتها المحلية ومواطنة الفرد أو الفرد المواطن في جواره، داعية إلى ضرورة تعزيز الثقة بين المواطن والدولة ومؤسساتها وبين المواطنين أنفسهم وتعزيز السلوك المدني واحترام الغير والجوار واحترام حقوق الإنسان (وأسسها الكبرى: الكرامة والحرية والمسؤولية) والسهر على خدمة مصلحة المواطن وتوفير الخدمات الأساسية على المستوى المحلي ودعم الحكامة الجيدة والتربية على ممارسة الشأن العام.
ومن أبرز التوصيات التي خلصت إليها السيدة طموح لتعزيز المواطنة مصالحة الفرد مع نفسه وأسرته وجواره ومصالحة المرأة والرجل ومصالحة الأجيال ومصالحة النخبة مع المجتمع والتربية على المواطنة وتنويع نوادي المواطنة بالمؤسسات التعليمية وتشجيعها وتعزيز دور الإعلام ودور الشباب في التربية على المواطنة...