المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة : من أجل سياسات وقوانين دامجة ومحاربة التمثلات السلبية
حصْرُ المشاركة السياسية للأشخاص في وضعية إعاقة في الحق في التصويت فقط هي نظرة ضيقة ومحدودة لهذا الحق، فالمشاركة الحقيقية لهذه الفئة، التي يكفلها الدستور، هي ثلاثية الأبعاد تتمثل أولا في ضمان ظروف ممارسة الحق في التصويت ثم التمكين من المشاركة داخل الأحزاب وتعزيز الحق في الترشح والوصول لمناصب القرار.
كانت هذه أبرز النقاط التي انكب المشاركون على تدارسها في لقاء حول المشاركة السياسية للأشخاص في وضعية إعاقة من مختلف جوانبها احتضنه رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في إطار فقرة "النقاشات الكبرى"، خلال اليوم الثالث لمشاركته بالمعرض الدولي للنشر والكتاب (الأحد 14 فبراير).
المشاركون نبهوا إلى أنه لا يجب أن تكون إثارة النقاش حول المشاركة السياسية للأشخاص في وضعية إعاقة مسألة ظرفية أي رهينة باقتراب الاستحقاقات الانتخابية، فتعزيز المشاركة السياسية للأشخاص في وضعية إعاقة لن يتم إلا إذا تم تبنيها كقضية مجتمعية يتم العمل على معالجتها بطريقة مستمرة وضمن مسلسل تراكمي للمكتسبات.
ومن جهة أخرى، أشار المشاركون إلى أنه من الأفكار التي يجب تصحيحها هو حصر نضال الأشخاص في وضعية إعاقة داخل الأحزاب في الدفاع عن حقوق الأشخاص وضعية إعاقة فقط بل يجب الاستفادة من كفاءات هذه الفئة في مختلف الميادين التي تهم المجتمع ككل. كما سلطوا الضوء على ضرورة القيام بالتتبع والرصد وجمع المعطيات من أجل القيام بتقييم حقيقي للمشاركة السياسية للأشخاص في وضعية إعاقة خصوصا في ظل نقص المعطيات والإحصائيات حول الموضوع.
وقد عزى المشاركون جملة المعيقات التي تعترض الشخص المعاق خلال قيامه بعملية التصويت إلى عدم استحضار تنوع الإعاقات عند إثارة إشكالية الولوجيات لتعزيز استقلالية الأشخاص في وضعية إعاقة، بحيث غالبا ما يتم الحديث عن البنى التحتية فقط (الجانب المعماري)، وهي الخاصة بالمعاقين حركيا، ومستعملي الكراسي المتحركة، غير أن قاعدة المعاقين أشمل و أوسع وتشمل أنواع إعاقات متنوعة لكل خصوصيتها مثل الصم والبكم (غياب لغة الإشارة خلال الحملات...) والمكفوفين (عدم استعمال تقنيات برايل بالنسبة لبطاقات التصويت...)، فضلا عن علو صندوق الاقتراع، وعدم تناسب حجم المعزل مع حجم الكراسي المتحركة، إلخ.
وفي الأخير دعا المشاركون إلى ضرورة توفير الولوج الشامل لهذه الفئة (مكاتب التصويت، ولوج المعلومة، والوصول إلى مراكز القرار، إلخ.). واتخاذ تدابير إجرائية لتفعيل مبادئ الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتفعيل مضامين الدستور في مجال تكافؤ الفرص وحظر التمييز انطلاقا من كون الشخص في وضعية إعاقة لا يقل مواطنة عن أي شخص آخر.
كما دعوا إلى التكثيف من عدد الدراسات والإحصائيات حول مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في العملية السياسية حتى تكون منطلقا للتقييم وللمعالجة.