أنتم هنا : الرئيسيةرئيسة جامعة الحسن الثاني المحمدية : مفهوم "الانتقال" يحتاج للمزيد من التفكير والمساءلة

  • تصغير
  • تكبير

رئيسة جامعة الحسن الثاني المحمدية : مفهوم "الانتقال" يحتاج للمزيد من التفكير والمساءلة

على هامش الندوة الدولية التاسعة لكلية جون جاي للعدالة الجنائية التي نظمتها الكلية بتعاون مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وجامعة الحسن الثاني بالمحمدية وجامعة القاضي عياض بمراكش حول موضوع "ّالمجتمعات في انتقال: نحو توازن بين الأمن، العدالة الاجتماعية والتقاليد" بمدينة مراكش من 2 إلى 5 يونيو 2010، أجري هذا الحوار مع السيدة رحمة بورقيه رئيسة جامعة الحسن الثاني المحمدية. أنجز الحوار: فدوى مروب

ما هو تقييمكم العام للندوة؟

لا يمكننا إلا أن نشيد بأهمية هذه الندوة وذلك لعدة أسباب: فعلى مستوى الشكل، تنظم الدولة بمبادرة من جامعة "جون جاي كولويج" بشراكة مع مؤسسات مغربية، هي المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، جامعة الدار البيضاء المحمدية، جامعة القاضي عياض بمراكش. لذلك فهذا النوع من الشراكة حول موضوع من هذا العيار لا يمكن إلا أن يكون على قدر كبير من الأهمية.

كما تكتسي الندوة أهمية كبرى بالنظر لعدد المشاركين وعدد جلسات المبرمجة (52 جلسة عمل) إنه تجمع كبير للباحثين حول موضوع بهذا القدر من الأهمية. إنه إطار للتبادل على المستوى الدولي بمشاركة عدد كبير من الدول وحضور مغربي جد مهم (أزيد من خمسين باحثا).

السب الثالث هو موضوع الندوة (المجتمعات في طور الانتقال) الذي يشكل أهمية بالغة بالنسبة للمغرب في هذه
المرحلة من تطوره التاريخي. ذلك أن إشكالية إيجاد توازن بين العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ووطأة التقاليد أيضا، توجد في قلب اهتماماتنا، ومن شأن تقاسم التجارب والخبرات في هذا المجال بمناسبة الندوة أن ينير لنا الطريق من أجل الاطلاع عن قرب على تطور المجتمع المغربي.فتقييمي إذن إيجابي.

ماهو في نظركم إسهام الجامعة المغربي النقاش والتفكير حول الانتقال بالمغرب؟ هل هناك إنتاج أكاديمي كافي لمواكبة النقاش الوطني حول الانتقال؟

أولا أرى أن مفهوم الانتقال في حد ذاته يستدعي التفكير والمساءلة. ما ذا يعني الانتقال؟ لأنه يمكننا أن ننسب أي شيء للانتقال. من الطبيعي أن نتسائل عن ماهية الانتقال، لاسيما عندما لا يتم تحديد ملامح ذلك المجتمع النموذجي والأفق الذي نسعى لإدراكه.

إذا، فهذا الجانب لم يتم إخضاعه بالشكل الكافي للتفكير من طرف الجامعيين والمثقفين، لذلك فربما يجب التخلي عن مفهوم الانتقال والحديث بدله عن التطور المجتمعي. إن مسألة المفهوم يجب أن تخضع للتدقيق والتحديد. أعلم أن هناك في إطار العلوم السياسية هناك كتابات عن ما يسمى بعلم الانتقال (transitologie) إلا أن تلك الأفكار لم تكن موضوع تفكير وتدارس في المغرب.

هل تقصدون أن ثمة مقاربة مغربية للانتقال، مرتبطة بالسياق السياسي؟

بالضبط، أريد أن أقول أن أهمية النظريات تبرز في دورها في مواكبة التفكير حول ما يحدث داخل المجتمع المغربي، إلا أن هذا النقاش النظري لا يتم خوضه دائما. عموما نعاين وجود نوع من النقص في النقاش حول الموضوع. حتى داخل الجامعة ليس هناك نقاش قوي رغم أنه من الحين للآخر يتم تنظيم تظاهرات علمية تعنى بالمواضيع والقضايا التي تشكل رهانات مهمة بالنسبة لجماعية معينة، وهو ما وقع بالنسبة للمدونة. فقد بدأ العمل الفكري داخل الجامعة بشكل موازي مع عمل جمعيات المجتمع المدني، لذلك يمكن أن نؤكد أن الجامعة وراء كل العمل الذي تم إنجازه في هذا الملف، وكتابات علماء الاجتماع ورجال القانون التي خصصت للمرأة.

هل يجب أن نفهم أن الجامعة تكتفي بالاستجابة للحاجيات الاجتماعية المعبر عنها من طرف المجتمع المدني دون أن تكون سباقة بالتفكير على مستوى النقاش المجتمعي؟

صحيح نوعا ما. لا يجب أن ننسى أن الجامعة توجد قيد البناء والتطوير. أول جامعة بالمغرب أنشأت بعد الاستقلال، لكن هذا لايعني أن ليس هناك عمل أو أنه ليس هناك تخصصات أخرى. لقد أعطيت مثال المدونة، لكن هناك أيضا مثال هيئة الإنصاف والمصالحة التي تمت مواكبتها من طرف عدد من المثقفين. وحتى المداخلات التي تم تقديمها بمناسبة هذه الندوة تعد إسهاما أكاديميا يواكب هذا القضايا.
إن الجامعة لا تعمل فقط كمعهد للتكوين، فالفاعلون الجامعيون، أي الباحثون، يواكبون التغيرات، إلا أن هذا الأمر يرتبط أيضا بدرجة انخراط الفاعل الجامعي في النقاشات العمومية. هذا هو ما يميز الباحثين المنخرطين في الإشكاليات المرتبطة بمجال العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية.

ما رأيكم في العلاقة الجدلية في سياق الانتقال،بين الجامعة والفاعل السياسي؟ هل هناك تفاعل كافي بين الطرفين؟

لايبدو لي أن ثمة تفاعل كبير بينهما، وذلك لعدة أسباب، أولها أن العلم والمعرفة لا يتم النظر إليهما دائما كسلطة. في بعض الأحيان عندما يبلور المثقفون تحليلا معينا حول السياسة أو السياسي فإن هذا الأخير يتحاشاها ويتجنبها، ربما لذلك نتحدث عن صمت المثقفين. ذلك أننا لا نعتبر أن المعرفة بمقدورها أن تلعب دور الوساطة.
إن للحقل السياسي منطقه الخاص وديناميته الخاصة وتوتراته الخاصة ...وهو أمر طبيعي من منظور الحقل السياسي. لذلك فهناك حاجة لوجود فضاء علميي يأخذ مسافة اللازمة مع اعتمالات السياسية واحتراقاتها، من أجل إنتاج إنتاجات معرفية وتحليلات يتلقاها الحقل السياسي من أجل أن يسائل ذاتها والقيام بالإصلاحات والتعديلات اللازمة...

في أي شكل تفكرون؟

إذا أخذنا على سبيل المثال فرنسا، كلما كان هناك نقاش، يتم استدعاء فيلسوف وعالم اجتماع للإدلاء برأيه في الموضوع. وتحظى هذه الآراء بالقبول من لدن الطبقة السياسية.
إن هذا النوع من التدخلات هو المهم، أي التفاعل. لايتعلق الأمر بالقرب من السياسي. فكل واحد يلعب دوره. الحقل السياسي له منطقه الخاص كما هو الحال بالنسبة لحقل المعرفة، هذا الأخير بجب أن يتخذ موقع الحياد والمسافة الكافية إزاء الظواهر والقضايا. بمعنى عدم الوقوع في فخ إصدار الأحكام وإعطاء الدروس. لأن هذا التصرف هو الذي يخلق سلوك الخوف والتحاشي لدى السياسي. ليس لدينا نقاش داخلي على مستوى الحقل السياسي، وليس هناك نقاش بين المثقفين والسياسيين اللهم بعض الاستثناءات القليلة.

هل تفكرون في شكل للتواصل بين المثقفين والباحثين وبين الطبقة السياسية؟ هل تعتقدون أن السياسيين ليسوا في مستوى المفكرين؟

ربما المثقفون ليس في مقدورهم إنتاج أفكار حقيقية. فعندما نطرح الأفكار الجيدة فإنها تفرض نفسها. كما أن الإنتاج الثقافي عندنا ليس غزيرا.

هل تشيرون إلى مشكل دعم البحث العلمي؟

نعم، هذا مشكل من بين المشاكل. أرى أنه يجب أن يجد كل جامعي الحافز الداخلي الضروري لدفعه للقيام بالبحث العلمي.وهذا ما يقوم به البعض لكنهم قلة. إن الباحثين القادرين على تسيير نقاش جيد معدود على رؤوس الأصابع.

أعلى الصفحة