الكلمة الإفتتاحية لرئيس المجلس السيد أحمد حرزني
بسم الله الرحمان الرحيم
في بداية هذا اللقاء أريد أن أحيي السيد وزير العدل الذي أبى إلا أن يحضر معنا، كما أشكر السيد كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون على حضوره في هذه الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وأحيي طبعا جميع الإخوة والأخوات أعضاء المجلس، وأود أن أحيي، بصفة خاصة، إخواننا أعضاء المجلس الذين عادوا لثوهم من مهام عاجلة إلى الخارج للمساهمة في الرد على الهجمات التي تتعرض لها بلادنا في المدة الأخيرة، وخاصة لمواجهة الاستعمالات المغرضة لخطاب حقوق الإنسان للمساس بالوحدة الترابية للبلاد وبمسارها الديمقراطي، فتحية لهم إذن على تطوعهم وعلى فعاليتهم. وهناك وفود أخرى ستنتقل في الأيام القليلة المقبلة إلى الخارج للقيام بنفس العمل، وسيكون حتما إن شاء الله عملا موفقا لأن قضيتنا عادلة، وكيفما كانت الصعوبات فلنا من الطاقات ومن الكفاءات ولنا من الإيمان ما يكفي لكي نتغلب على هذه الصعاب ونعيد الأمور إلى نصابها.
دعوني كذلك في بداية هذا اللقاء، أن أهنئ باسمكم جميعا أخي وصديقي السيد الأمين العام للمجلس بمناسبة انتخابه ضمن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بنيويورك، بمناسبة الاجتماع الثامن للدول الأطراف في العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، وكما تعلمون فالسيد الأمين العام ليس الوحيد من أعضاء وعضوات المجلس، الذي يتواجد الآن في مؤسسة أممية مهمة، إذ يجدر التذكير بإعادة انتخاب الأستاذة السعدية بلمير عضوا في لجنة مناهضة التعذيب، وكذا السيدة حليمة الورزازي، التي أعيد انتخابها على رأس اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان، والأخت نجاة امجيد المقررة الخاصة في اللجنة المكلفة بالاتجار في الأشخاص وفي الاستعمالات البورنوغرافية للأطفال. كما أن الأخت أمينة لمريني مكلفة من طرف اللجنة الساهرة حاليا على تحضير إعلان أممي خاص بالتربية والتكوين في حقوق الإنسان، حيث تشارك في تنسيق مساهمات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في صياغة هذا الإعلان.
كما أريد كذلك، في بداية هذا اللقاء، أن أشير إلى مسألة ليست سارة للأسف وهي كون السيد عبد الله الولادي، أحد أعضاء المجلس، يوجد في صراع مع المرض منذ شهور ، ونتمنى له الشفاء العاجل إن شاء الله.
إذن، كما هو معتاد سنبدأ هذا اللقاء باستعراض موجز لأعمال المجلس منذ الدورة السابقة، حيث وكما تعلمون جميعا فإن أعمال المجلس كانت كثيرة ومكثفة في هذه الفترة، ولهذا لن أستعرضها بالتفصيل، لأن تفاصيل ذلك سترد في التقرير السنوي، ضمن الجزء الذي يخصص لهذا الأمر، وسوف أكتفي بعرض سريع لأهم أنشطة المجلس، منذ الدورة الأخيرة، وسأبدأ بما يتعلق بمواصلة أو متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
في هذا المجال، نشير إلى أن لجنة التفعيل عملت، منذ يوليوز الماضي، على استكمال الجوانب التقنية والإدارية المتعلقة بالمقررات التحكيمية القاضية بالتعويض، كما باشرت كافة الإجراءات الرامية إلى تنفيذها، بما في ذلك التعاون مع مصالح الوزارة الأولى ووزارة المالية وبريد المغرب. وفي نفس الإطار تم كذلك تحيين قاعدة البيانات بما جد من معطيات في هذا الموضوع، وتم إنجاز وإعداد عدد لا بأس به من ملفات التغطية الصحية، حيث تمت إحالتها على الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، وسلمت بطاقات الانخراط إلى مستحقيها، كما أن هذه الفترة تميزت، على الخصوص، بتركيزنا على التقدم في ملف الإدماج الاجتماعي، الذي تعلمون جميعا أنه ملف صعب جدا نظرا لتباين الحالات المعنية بهذا الملف، حيث أنه ليس هناك تجانس لا في السن ولا في مستوى الدراسة ولا في مكان الإقامة.... وكل هذه الأشياء جعلت أن هذا الموضوع هو فعلا موضوع شائك، ولكن ما يجب الإقرار به أن الحكومة ، التزمت معنا التزاما جديا وصارما حتى نتغلب على الصعوبات التي تعترض هذا الموضوع، وفعلا فقد وقع تقدم ملموس في الملف، وسوف يُعلن عن النتائج في حينها.
كذلك عملنا مع الحكومة على تسوية الأوضاع الإدارية والمالية لعدد من الحالات، حيث يمكن الإشارة إلى أنه تم، في مرحلة أولى، التوصل إلى حل 41 حالة من أصعب الحالات في المدة الأخيرة في هذا المجال.
وعلى العموم، سيصدر قريبا تقرير مفصل، هو الآن قيد الطباعة، يعطي حصيلة العمل في مجال جبر الأضرار الفردية بكل أبعاده مثله مثل الجوانب الأخرى من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
لكن مع ذلك لابد من إشارة سريعة حول عمل المجلس على الصعيد الجهوي، حيث هناك أكثر من ثلاثين مشروعا من مشاريع جبر الضرر الجماعي هي الآن قيد التنفيذ.
كما أن هناك مجموعة أخرى من المشاريع ستتم المصادقة عليها في الأسابيع المقبلة وسيتم إطلاقها ابتداء من يناير أو فبراير إن شاء الله، وبذلك سوف يصل عدد المشاريع الميدانية التي هي قيد التنفيذ، في إطار جبر الضرر الجماعي، إلى حوالي مائة مشروع.
وعلى مستوى حفظ الذاكرة التأمت في المدة الأخيرة مجموعة من الفعاليات التي تمثل مشاريع حفظ الذاكرة، الموزعة عبر التراب الوطني، التأمت في ورشة مهمة، ستصدر خلاصاتها قريبا.
أما في مجال الهيكلة الإدارية الجهوية، فقد انضاف أخيرا مكتب إداري جديد لمجموعة المكاتب الإدارية التي أقيمت سابقا، وهو المكتب الإداري الموجود مقره في ورزازات ويغطي عمالتي ورزازات وزاكورة.
وتساهم هذه المكاتب كثيرا في متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، علاوة على أنشطة لا أقول خاصة بها، ولكنها أنشطة تنطلق من تلك المكاتب أو الجهات التي تتواجد فيها، حيث يمكن أن نذكر، على سبيل المثال، أنه بعد غذ ستكون هناك في مدينة السمارة ندوة جهوية حول الحقوق الثقافية والإجتماعية. وفي نهاية يناير ستحتضن مدينة أزرو، ندوة في نفس الموضوع.
وفي مجال الأرشيف، الذي هو مجال مهم وله علاقة مباشرة بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ورغم أنه كان هناك شيء من التأخر في معالجة هذا الموضوع لأسباب لا يتسع المجال لذكرها، فقد أمضينا ، في أواخر شهر نونبر الماضي الاتفاقية التي تربطنا بالاتحاد الأوربي في موضوع الاشتغال على الأرشيف والتاريخ الراهن والذاكرة، وتم عقد لقاء مع السيد وزير الثقافة للتباحث في الموضوع ، حيث التزمت الوزارة بأن تخصص، في بحر الشهرين أو الأشهر الثلاثة القادمة، مقرا ولو مؤقتا لهذه المؤسسة. كما ستباشر مساطر اختيار من يترأس ويدير هذه المؤسسة، علما أن هناك مرسوم تطبيقي صدر قبل بضعة شهور يحدد عضوية الهيئة الإدارية، حيث يمكن أن نتفاءل بأنه، خلال الأشهر القليلة، المقبلة سيكون هناك مخاطب وشريك وإذاك سوف ننطلق بشكل مسترسل في تنفيذ هذه التوصية الهامة والتي تهمنا بشكل خاص لأسباب بديهية.
حضرات السيدات والسادة
ستكون هذه القضايا موضوع التقرير الذي سيصدر قريبا إن شاء الله، وسيطلع الرأي العام الوطني، إذاك على ما نفذ من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وكيف وإلى أي مدى، وربما ما لم ينفذ ولماذا، ومن المسؤول عن عدم تنفيذه .....
فيما يخص الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، تعلمون أهمية هذا المشروع المهيكل، وهذا المسلسل، الذي يقوده السيد وزير العدل مشكورا، ويتولى المجلس كتابته العامة التي يرأسها السيد الأمين العام ، حصل فيه تقدم كبير ولن أدخل في التفاصيل، لأن جدول أعمالنا يتضمن هذه النقطة، حيث سيقدم بشأنها السيد الأمين العام تقريرا موجزا عن تطور العمل في هذا المجال بجميع التفاصيل الضرورية.
وبخصوص الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، والتي هي مشروع لا يقل أهمية عن الخطة الوطنية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإنها ترمي إلى أهداف أبعد مدى، ما دام أنها تتعلق بالثقافة وبالعقليات. وقد كان مطروحا، منذ مدة، أن تقام لجنة للإشراف على هذه الأرضية حتى ننطلق في تفعيل مقتضياتها، وهو أمر أخذ بعض الوقت حيث كان هناك حرص على إشراك المجتمع المدني بطريقة شفافة وديمقراطية.
ولهذا الغرض اتبعت مسطرة ساهم في وضعها المجتمع المدني نفسه، انبثقت من خلالها لجنة الإشراف التي اختيرت لتسيير هذه المبادرة الوطنية، وقد اجتمعت اللجنة قبل أيام وشرعت في هيكلة نفسها وبذلك فهذا البرنامج قد وضع كذلك على السكة.
وبالنسبة لمجال العلاقات الخارجية، كانت هناك زيارات متعددة لبلدان مختلفة، منها زيارة وفد من المجلس إلى كل من كولومبيا والبيرو، وذلك بغرض استكشاف إمكانية إقامة آلية دائمة للحوار بين المجموعة العربية أو الإفريقية أو كليهما مع المجموعة اللاتينية، لأنه لا يعقل أن يكون هناك حوار عربي أوروبي في مجال حقوق الإنسان، ولا يكون هناك مثيل له مع بلدان الجنوب. وقد استحسنت هذه الفكرة من طرف مخاطبينا وسوف نتابعها معهم، ومع غيرهم من المؤسسات الوطنية المهتمة بحقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية. وشارك المجلس كذلك في :
اللقاء الرابع عشر لمنتدى آسيا والمحيط الهادي، في الأردن؛
اللقاء الجهوي الثاني حول العدالة الانتقالية، الذي عقد قبل شهر في الكامرون؛
الدورة الثالثة للجنة الاستشارية لحقوق الإنسان للأمم المتحدة في جنيف؛
اللقاء الدولي الرفيع المستوى حول الاتجار في البشر والوقاية من العبودية الحديثة، في فيينا؛
المنتدى الإسباني المغربي للقانونيين والذي عقد بطنجة، وثلته بعد ذلك ندوة نظمت في أحضان هذا المجلس.
أما الاستقبالات فقد كانت كثيرة أيضا، بحيث أن المجلس، وكما تعلمون، استقبل اللقاء الثالث للشبكة الإفريقية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وما يجدر التذكير به أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هو الذي يرأس هذه الشبكة لمدة سنتين، ونحن بصدد إعداد خطة عمل متكاملة سوف نقترحها على هيئات هذه الشبكة ، وإننا نقدر جيدا أهمية أن نشتغل في عمقنا الإفريقي.
وبصفة موازية شاركنا أيضا في اجتماع لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وذلك في إطار التحاور مع المؤسسات الوطنية في أمريكا اللاتينية، علاوة على اللقاء الذي جرى تنظيمه لتبادل التجارب بين المجلس وبين ممثلين عن التجربة الشيلية.
كما نظم المجلس أو احتضن دورة تدريبية إقليمية حول الحق في الوصول إلى المعلومة. وورشة تكوينية في مجال القانون الدولي الإنساني لفائدة جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. إضافة إلى يوم دراسي حول آليات التظلم لحماية حقوق الأطفال بشراكة مع منظمة اليونسيف، حيث أمضينا معها شراكة للاستفادة من تجربتها وخبرتها للتفكير في كيفية إقامة آلية وطنية لتتبع أوضاع الأطفال.
كما زارت المجلس وفود كثيرة مثل وفد المعهد البريطاني لدراسة شؤون الدفاع، ووفد من إليهود المغاربة المقيمين بالخارج. واستقبلنا المدافعة عن الشعب بدولة البيرو والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
حضرات السيدات والسادة
بعد هذا الاستعراض السريع لأهم الأنشطة التي قام بها المجلس في الفترة الأخيرة منذ دورته الثالثة والثلاثين، أود أن أذكركم بجدول الأعمال الذي توصلتم به جميعا. وهكذا سوف يُقدم لكم تقرير عن مسار إنجاز الخطة الوطنية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومقترح بنية أولية للتقرير السنوي للمجلس برسم سنة 2009، كما ستقدم لكم الخطوط العريضة للبرنامج الذي شرعنا في إعداده للاحتفاء، خلال السنة المقبلة، بالذكرى العشرين لتأسيس هذا المجلس، وهناك بعض القضايا التنظيمية، نريد أيضا الاستئناس بآراء عضوات وأعضاء المجلس بشأنها.
وفي ختام هذه الكلمة أود أن أهنئ مرة أخرى الأخت والإخوان الذين عادوا من مهام مستعجلة في الخارج، كما أهنئ الأخوات والإخوة الذين يحتلون الآن مناصب مهمة في بعض المؤسسات الأممية.
وأخيرا أريد أن أشكر مجددا، السيد وزير العدل على حضوره معنا، والسيد كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون لأنه يحضر معنا لأول مرة.
شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله.
رئيس المجلس
أحمد حرزني