• تصغير
  • تكبير

المذكرة المرفوعة إلى جلالة الملك

بسم الله الرحمن الرحيم

مولاي صاحب الجلالة،

يتشرف رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بعد تقديم آيات الإخلاص والوفاء، أن يرفع إلى علم جلالتكم أنه، بعد استئذان الجناب الشريف، عقد المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان اجتماعه الثالث والثلاثين، في إطار دورة عادية، يوم السبت 18 رجب 1430هـ موافق 11 يوليوز 2009م.

أولا- تضمنت الكلمة الافتتاحية لرئيس المجلس:

تسجيلا لأهمية الاجتماع الثالث والثلاثين للمجلس، بالنظر للنقاط المدرجة في جدول أعماله، ولكونه ينعقد قبل حوالي سنة من الاحتفال بالذكرى العشرين لتأسيس المجلس، ويتميز بانعقاده أياما قبل حلول الذكرى العاشرة لاعتلاء جلالتكم عرش أسلافكم الميامين؛

تذكيرا بمنجزات المجلس المتعلقة بمتابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجالات جبر الضرر الفردي والجماعي، واستكمال الكشف عن الحقيقة بخصوص الحالات العالقة، والإصلاحات التشريعية والمؤسساتية، وخاصة تلك المتعلقة بترشيد الحكامة الأمنية وتأهيل العدالة وتقوية استقلالها وملاءمة مشروع القانون الجنائي مع قواعد ومبادئ حقوق الإنسان؛

عزم المجلس على تعزيز وتطوير ممارسته لمهامه الأصلية في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والعمل على تأهيله وتنمية قدراته لتحقيق هذا الانتقال؛

انخراط المجلس في بلورة خطة العمل الوطنية لإرساء حقوق الإنسان والديمقراطية بشراكة مع الحكومة والمجتمع المدني، بدعم من الاتحاد الأوروبي، وإطلاق مسار تنفيذ مقتضيات الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان؛

أنشطة المجلس في مجال العلاقات الخارجية والتعاون، وخاصة عقد لقاءات مع ممثلي الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات الوطنية في بلدان غربية، والشروع في بناء جسور التعاون مع بلدان أمريكا اللاتينية، واستقبال المجلس للندوة السابعة للشبكة الإفريقية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في شهر نونبر المقبل، واستقباله لمكتب لجنة التنسيق الذولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان؛

كما تضمنت تحية لأعضاء هيئة الإنصاف والمصالحة وعلى رأسهم السيد إدريس بنزكري رحمه الله، وتنويها بكافة أعضاء المجلس ومجموعات عمله وخاصة منها لجنة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ولجنته التنسيقية وأمينه العام وجميع أطره وموظفيه ومستخدميه.

ثانيا- مناقشة دراسة حول ملاءمة مشروع القانون الجنائي للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وهي الدراسة التي أنجزها المجلس في إطار متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بتأهيل القانون والسياسة الجنائية، والتي توجت بمراجعة شاملة ودقيقة للمشروع المذكور، من خلال المرتكزات الثلاثة للقانون الجنائي، التجريم والجزاء والمسؤولية، ومن خلال إعمال صريح ودقيق لمبادئ المساواة، الشرعية، المسؤولية الشخصية في المجال الجنائي.
وخلال مناقشة مضامين هذه الدراسة، عبر كل من السيدين وزير العدل والأمين العام للحكومة عن تثمينهما لها واعتبارها بمثابة وثيقة أساسية لاستكمال مسار مراجعة المنظومة الجنائية، مع التشديد على ضرورة إصلاح المسطرة الجنائية، والربط بين إصلاح العدالة وإصلاح القضاء. واقترح السيد الأمين العام للحكومة تشكيل لجينة بين الحكومة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان من أجل تعميق الدراسة المذكورة. وبعد تدخلات مستفيضة من جانب أعضاء المجلس، والتي تناولت مختلف جوانب الدراسة واعتبرتها قفزة نوعية في عمل المجلس في مجال ملاءمة التشريعات مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خلص المجلس إلى ضرورة استكمال النقاش بين أعضاءه ومع الشركاء الحكوميين حول الموضوع.

ثـالثا- مناقشة تقرير شامل عن المهام المنجزة فيما يخص استكمال تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، في المجالات التالية:

في مجال جبر الضرر الفردي، حيث تم استكمال تنفيذ كافة المقررات التحكيمية وصرف التعويضات المالية للمستفيدين منها، ومواصلة العمل المرتبط باستفادة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الماضية وذويهم الأقربين من التغطية الصحية، والتعاون مع الحكومة لتنفيذ توصيات الهيئة المتعلقة بتسوية الأوضاع الإدارية والمالية والإدماج الاجتماعي؛
وفي مجال جبر الضرر الجماعي، حيث تم الشروع في تنفيذ المشاريع التنموية و/أو المتعلقة بالحفظ الإيجابي للذاكرة في المناطق المعنية بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة؛

وفي مجال استكمال الكشف عن الحقيقة وخاصة فيما يتعلق ب 66 حالة كانت هيئة الإنصاف والمصالحة قد أوصت بمواصلة التحريات بخصوصها، حيث أفضى العمل الذي قام به المجلس إلى استجلاء الحقيقة بخصوص 57 حالة. وقد تعزز عمل المجلس في الموضوع ببدء التوصل بنتائج التحليل الجيني لرفات مجموعة من الحالات، وسيعمل على تبليغ الأسر المعنية بالنتائج النهائية فور التوصل بها؛

وفي مجال الإصلاحات المؤسساتية والتشريعية، فقد عمل المجلس على المساهمة في تقديم اقتراحات ومذكرات بخصوص ملاءمة التشريع الوطني مع التشريع الدولي في الميدان الجنائي وتأهيل العدالة وتقوية استقلال القضاء والحكامة الأمنية. ففي الموضوع الأول، عمل المجلس على القيام بمراجعة شاملة ودقيقة لمشروع القانون الجنائي كما سبق بيانه. وفي الموضوع الثاني، أعد مذكرة رفعت إلى جلالتكم، وسيواصل المجلس تعاونه مع وزارة العدل وجميع المؤسسات والفعاليات الأخرى المعنية، لضمان إصلاح عميق للقضاء يؤّمن استقلاله ويقوي ثقة المواطن فيه. وبخصوص الموضوع الثالث، فقد شرع المجلس في إعداد مذكرة، بعد مشاورات مع الأطراف المعنية، ويعتزم إنهاء هذا المشروع في أجل قريب إن شاء الله، لعرضه على نظر جلالتكم السديد بعد مناقشته من طرف أعضاء المجلس.

رابعا- مناقشة مشروع ميثاق وطني لحقوق المواطن وواجباته تنفيذا للتكليف الملكي في الخطاب السامي بمناسبة عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2003، والذي يأتي إعداده في سياق الجهود الرامية إلى تعزيز المكتسبات في مجالات النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، وتحصين المجتمع من خلال نشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم المواطنة العصرية والمسؤولة التي تقتضي التمتع بالحقوق وتحمل المسؤوليات. وسيعمل المجلس على مواصلة تعميق النقاش بخصوصه للوصول إلى صيغة تستحق أن ترفع إلى النظر السديد لجلالتكم.

وأخيرا، يجدد المجلس، رئاسة وأمانة عامة وأعضاء وأطرا إدارية، اعتزازه بالرعاية السامية والدعم المتواصل لجلالتكم للمجلس فيما يبذله من جهود للاستجابة لما هو مكلف به من مهام جليلة والمساهمة في تحقيق المزيد من المكتسبات في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها.

حفظ الله مولاي صاحب الجلالة وأيده، وأقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزر جلالته بصنوه السعيد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وحفظه في باقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة، إنه سميع مجيب.

والسلام على المقام العالي بالله ورحمته تعالى وبركاته.

وحرر بالرباط في يوم السبت 18 رجب 1430هـ مـوافق 11 يوليو 2009م.

رئيس المجلس

أحمد حرزني

أعلى الصفحة