مؤتمر دولي: تبني العقوبات البديلة وأنسنة السجون أفضل وسيلة لتفادي حالات العود والاكتظاظ
اختتمت يوم الأربعاء 5 فبراير 2014 بمراكش أشغال المؤتمر الدولي حول "السياسات الجنائية الحديثة آثارها وانعكاساتها على النظم الإصلاحية في العالم العربي: العقوبات البديلة وبرامج الرعاية اللاحقة"، الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشراكة مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء.
وقد أبرز المشاركون في هذا المؤتمر أنه رغم ما حققته الدول العربية في مجال الإدماج وإدراج العقوبات البديلة في السياسات الجنائية إلا أنها تبقى متواضعة وغير مواكبة لتطور النهج العقابي والإصلاحي الدولي، وذلك يرجع أساسا إلى غلبة الطابع الأمني في أغلب القوانين المعمول بها في هذه الدول وإلى عدم تطبيق المفاهيم الحقوقية في التعامل مع السجناء، فضلا عن عدم إرساء المقاربة الإصلاحية ومحدودية التدابير الرامية إلى أنسنة ظروف الاحتجاز وإعادة تأهيل المحتجزين، وهي الوضعية التي تؤدي مباشرة إلى ارتفاع نسبة حالات العود وبالتالي تعاظم آفة الاكتظاظ التي تعانيها أغلب السجون بالدول العربية، مؤكدين على أن أول خطوة يجب البدء بها في هذا المجال هي العمل على إرساء ثقافة العقوبات البديلة حتى يتقبلها المجتمع والسجين نفسه.
كما تم التأكيد على أن الرعاية اللاحقة أي إدماج السجين في المجتمع، رهين بالرعاية القبلية التي استفاد منها، أي البرنامج الإصلاحي الذي تلقاه السجين خلال فترة الاعتقال. فضلا عن أهمية ملاءمة تدابير الرعاية اللاحقة مع احتياجات كل سجين على حدة، وفق ظروفه العائلية والاجتماعية والثقافية، إلخ.
ويأتي تنظيم هذا اللقاء انطلاقا من الحاجة الملحة إلى تطوير النظم الجنائية بالبلدان العربية، وذلك من خلال تغيير بعض المقتضيات الجنائية التي لا تتلاءم مع مبادئ حقوق الإنسان، ومع شروط وقواعد المحاكمة العادلة، وأهمية الرعاية اللاحقة، التي يفترض أن تسبقها عناية خاصة قبل الخروج من السجن أي بعد انتهاء مدة الاعتقال.
المشاركون في هذا اللقاء، الذي تميز بمشاركة نحو عشرين من الخبراء الدوليين من بلدان مختلفة (المغرب، الجزائر، تونس، الجزائر، الأردن، بلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية)، انكبوا على تشخيص الوضعية الحالية ودراسة مدى مواكبة وتبني السياسات الجنائية بالدول العربية لتطور نظام العقوبات البديلة ومدى تطوير برامج الإدماج والتأهيل الموجهة للسجناء، مع استعراض بعض التجارب الدولية وما حققته في هذا المجال.
وقد انتظمت نقاشات اللقاء، في محورين اثنين، وهما: "تطور النهج العقابي والإصلاحي والإطار القانوني الدولي" و"بدائل العقوبات السالبة للحرية كأحد المرتكزات الإصلاحية الحديثة: ممارسات عملية لتطبيق العقوبات البديلة" و"الرعاية اللاحقة في العالم العربي".
اختتام أشغال اللقاء كلل بصياغة مجموعة من التوصيات ذات الطابع العام والخاص، ومن أبرزها:
- انتهاج خطط عمل ملائمة للتشريعات الجنائية مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان لإعمال الملاحظات والتوصيات الصادرة عن المنتظم الدولي بما في ذلك توصيات الاستعراض الدوري الشامل؛
- تقوية إطار حماية الفئات الهشة (المستضعفة) في المنظومة الجنائية بما يلبي حاجياتهم الخاصة في إطار المقرر والمتعارف عليها دوليا؛
- تعديل التشريعات الجنائية لتشمل النص على العقوبات البديلة، بما في ذلك العمل للمنفعة العامة، واعمالها بشكل فعال؛
- وضع برامج متخصصة للرعاية اللاحقة تهدف الى إعادة الإدماج، بدءا من داخل المؤسسات العقابية، تؤمن لهم تكوينا ورصيدا معرفيا يجعلهم في مستوى التنافسية، ويمكن من مصاحبتهم بعد الإفراج ومساعدتهم على الاندماج في وسطهم الاجتماعي؛
-