أنتم هنا : الرئيسيةالمستجداتالآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمغرب، طموح مشروع من أجل منظومة متكاملة لحماية حقوق المواطنات والمواطنين

  • تصغير
  • تكبير

الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمغرب، طموح مشروع من أجل منظومة متكاملة لحماية حقوق المواطنات والمواطنين

 

في إطار مسلسل التفكير في وضع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمغرب، نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع الجمعية الدولية لمناهضة التعذيب، التي كانت أحد أقوى المترافعين من أجل وضع البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، يوم الثلاثاء 12 ماي 2015  بالرباط، ندوة دولية حول "الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب: التحديات والممارسات الفضلى"، شارك في أشغالها الفاعلون الرئيسيون المعنيون بإحداث الآلية بالمغرب وخبراء دوليين من اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب، والجمعية الدولية لمناهضة التعذيب والمعهد الدانماركي لمناهضة التعذيب (كرامة) ومجلس أوروبا وممثلة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بمالي وهيئات وطنية تلعب دور الآلية الوطنية لوقاية من التعذيب ببلدانها.

وبالإضافة إلى مقتضيات البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والتحديات والممارسات الدولية الفضلى للآليات الوطنية للوقاية من التعذيب، شكلت الندوة فرصة للفاعلين المعنيين للتفكير وتعميق النقاش حول سيناريوهات وضع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمغرب، التي من شأن وضعها الحد من حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب: سبيل للحد من حالات التعذيب وسوء المعاملة  

تنص المادة 17 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي أودع المغرب وثائق الانضمام إليه في 24 نونبر 2014، لتكون المملكة بالتالي الدولة السادسة والسبعون الطرف في هذه الآلية، على تعيين أو إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب تتمتع باستقلال وظيفي وباستقلالية العاملين بها ويتوفر خبرائها على القدرات والدراية المهنية والموارد اللازمة للاضطلاع بمهامهم، وهو ما أكده أيضا جميع الخبراء المشاركين في الندوة، إذ بدون هذه المقومات الأساسية لن يكون للآلية أي دور وقائي هام ولن تساهم بالتالي في الحد من حالات التعذيب وسوء المعاملة.  

وجدير بالذكر أن من أهم اختصاصات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب القيام بزيارات غير معلنة ومفاجئة لجميع أماكن الحرمان من الحرية ومنشآتها ومرافقها، وهو ما من شأنه أن يردع الانتهاكات المحتملة، خاصة أن الدولة متعهدة بموجب مقتضيات البروتوكول أن تتيح للآلية "الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بعدد الأشخاص المحرومين من حريتهم الموجودين في أماكن الاحتجاز" وعلى "جميع المعلومات التي تشير إلى معاملة هؤلاء الأشخاص فضلا عن ظروف احتجازهم." وبالإضافة إلى ذلك، فإن للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب حرية اختيار الأماكن التي تريد زيارتها والأشخاص الذين تريد مقابلتهم. ومما يزيد من فعالية عمل الآلية، الحصانة التي تمنحها مقتضيات البروتوكول الاختياري لأي شخص أو منظمة تقوم "بتبليغ الآلية الوقائية الوطنية بأي معلومات، صحيحة كانت أم خاطئة" ضد أي عقوبة أو انتقام والتزام الآلية بالاحترام التام لسرية المعلومات التي تجمعها وحقها في إجراء اتصالات مع اللجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة وموافاتها بمعلومات والاجتماع بها.

إلا أن المشاركين في الندوة شددوا على أن فعالية دور الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب رهين بتوفر إرادة سياسية قوية واستجابة السلطات لتوصيات الآلية وتفعيلها، التي يفضي غيابهما بالضرورة إلى عدم جدوى الآلية. كما أكدوا على أهمية دور المجتمع المدني في تعزيز عمل الآلية، ودعوا إلى ضرورة مأسسة علاقة التعاون بين المجتمع المدني والآلية خاصة من خلال تزويدها بالمعلومات والمعطيات التي قد تتوفر لديها أو التكتل في مجموعات صديقة تقدم الاستشارة للآلية أو المشاركة كأعضاء في هيكلتها... مؤكدين أن من شأن تفاعل فعاليات المجتمع المدني مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والعمل من خارجها أن يساهم في مراقبة عملها وفي تعزيز دورها.

المجلس الوطني لحقوق الإنسان: منظومة وطنية لحماية حقوق المواطنات والمواطنين

وقد شكلت هذه الندوة الدولية، التي حظرتها جل أطياف المجتمع المدني المغربي والفاعلين الحكوميين المعنيين، بالإضافة إلى خبراء دوليين بارزين، فرصة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان للتأكيد على ضرورة وضع منظومة وطنية شاملة لحماية حقوق الإنسان بالمغرب، إذ لا يرغب المجلس فقط في لعب دور الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، بل يطمح لأن يكون آلية للآليات، كما أكد ذلك رئيس المجلس والأمين العام... مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان ذات تخصص عام تضمن التناسق والانسجام وتتكامل فيها وظائف الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وآلية الانتصاف وحماية حقوق الطفل وآلية الوقاية من التمييز وآلية حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.

يذكر أن البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب واللجنة الفرعية للتعذيب تركت اختيار شكل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب للدول الأطراف، إلا أن دراسة مقارنة أصدرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول التجارب الدولية في المجال بينت أن ثلثي الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري التي تتوفر على آلية وطنية اختارت إسناد هذه المهمة لآلية قائمة (65%) في حين أن 25% من الدول الأخرى اختارت إنشاء آلية جديدة، واختارت الفئة الباقية (10%) آلية متعددة، مع العلم أن 40 من أصل 61 دولة تتوفر على آلية وطنية للوقاية من التعذيب، إلى حدود اليوم، أسندت مهامها إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان.

ومما يعزز مشروعية طموح المجلس الوطني لحقوق الإنسان لاحتضان الآلية اضطلاعه أصلا بمهام الحماية والوقاية من الانتهاكات وتوافقه مع مبادئ باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وتجربته الطويلة في الرصد والتحقيق وزيارة أماكن الاحتجاز، التي تمتد على مدى 25 سنة كاملة، كما أكدت ذلك مداخلة ألقاه السيد عبد الرزاق روان، كاتب عام المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في الجلسة الافتتاحية، بالإضافة إلى موضوعية تقاريره حول أماكن الحرمان من الحرية، خاصة، على سبيل الذكر لا الحصر، تقريره حول وضعية السجون وحقوق السجناء، التي تتقاطع خلاصاته وتوصياته مع توصيات تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، عقب زيارته للمغرب في شتنبر 2012... مشروعية تتعزز أكثر مع إحداث المجلس قريبا لمركز دولي للتكوين في مجال حقوق الإنسان، سيكون من أولوياته تعزيز قدرات وكفاءات ودرايات العاملين بالمجلس وأعضائه، مع التركيز كذلك على امتلاك واستلهام التجارب الدولية والممارسات الفضلى في المجال، حتى يتمكن المجلس من الاضطلاع بهذا الدور على أكمل وجه... طموح مشروع من أجل منظومة وطنية متكاملة لحماية حقوق المواطنات والمواطنين.

ألبوم صور حول اللقاء 

أعلى الصفحة