ظهير شريف رقم 1.90.12 يتعلق بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان
ظهير شريف رقم 1.90.12 صادر في 24 من رمضان 1410 (20 أبريل 1990) يتعلق بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان
الحمد لله وحده ؛
الطابع الشريف - بداخله :
(الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن الله وليه)
بيان الأسباب الموجبة
لقد اتجهت إرادة والدنا المغفور له جلالة محمد الخامس قدس الله روحه وإرادة جلالتنا إلى أن نجعل من المغرب دولة عصرية، محبة للسلم في الداخل والخارج، متشبثة بمبادئ الإسلام ومقومات الحضارة المغربية، وكانت هذه الإرادة ولا تزال هي أيضا إرادة الأمة المغربية قاطبة.
ولا يخفى أن أحد أهم المتطلبات التي يستلزمها بلوغ هذا الهدف السامي يتمثل في إقامة دولة قانون بكل ما تحمله هذه العبارة من مدلول، وقد سار المغرب في هذا السبيل بخطى حثيثة، وذلك بفضل إحداث مؤسسات تمثيلية منبثقة عن انتخابات ديمقراطية، وإنشاء محاكم مدنية وجنائية وإدارية ودستورية تسهر على مصالح الدولة والجماعات والجمعيات والأفراد، وإصدار قوانين ونظم تهدف إلى تحقيق العدل وإقرار النظام العام.
وقد كانت حقوق الإنسان دائما في مقدمة اهتمامنا ونحن نقوم بهذه الأعمال، باعتبارها صادرة عن متطلبات تتفق حولها مبادئ الإسلام والتقاليد المغربية وقيم المجتمع الدولي الذي أقرها في عهود واتفاقات شتى.
وقد أمكننا تحقيق هذا الهدف السامي إلى حد بعيد بفضل تطبيق القوانين الجاري بها العمل، ونشاط المؤسسات المنتخبة، وتيسير اللجوء إلى المحاكم القضائية لكل من اقتضت مصلحته ذلك.
بيد أن الوسائل المستخدمة لضمان حقوق الإنسان قد تقصر أحيانا عن بلوغ الغاية المتوخاة، كما يدل على ذلك ما هو مشاهد في كثير من الأقطار، وذلك بسبب تجاوزات أو أخطاء هي من طبيعة البشر أو لوجود ثغرات قانونية لم يتأت سدها بعد.
ولمواجهة هذا القصور بمختلف أنواعه وأشكاله وتحقيق احترام حقوق الإنسان إلى أبعد مدى، ارتأينا أن نحدث جهازا مختصا بحماية هذه الحقوق أطلقنا عليه اسم "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان".
وسيكون الجهاز المحدث بظهيرنا الشريف هذا بجانب جلالتنا الشريفة وتحت إمرتنا مباشرة، وهذا ما سيبوئه منزلة عالية ومقاما رفيعا، ويتيح لجنابنا الشريف أن يطلع بأسرع ما يمكن على ما يتوفر لديه من معلومات.
وتركيب المجلس دليل على ما يكتسيه دوره من أهمية بالغة، وكفيل في الوقت نفسه بأن يحقق له كامل الجدوى المرجوة، فسيتولى رياسته الرئيس الأول للمجلس الأعلى الذي هو أعلى هيئة قضائية بالمغرب، وسيتيح عدد أعضائه وانتماؤهم إلى مختلف الفئات التمثيلية إشراك جميع الكفاءات والمواهب في أعماله، إذ سيضم ممثلين للأحزاب السياسية والنقابات والهيئات التي تعنى بحقوق الإنسان على اختلاف أنواعها كما سيضم شخصيات تتمتع بكفاءة خاصة في هذا المجال، وبذلك سيتمكن أشخاص ذوو معارف متنوعة ومشارب مختلفة من المساهمة في تحقيق العمل المشترك الذي يصبو الجميع إلى تحقيقه.
وستكون للمجلس اختصاصات استشارية إذ لا نريد أن نجعل منه أداة تقرير تنافس الأجهزة الإدارية والقضائية القائمة في الدولة، ومع هذا، فإن الطابع الذي تكتسيه الآراء التي سيبديها وكون هذه الآراء موجهة إلى ولي الأمر، سيسبغان عليها أهمية قصوى، وستزداد هذه الأهمية إذا أتيح لآراء المجلس أن تنشر ليطلع عليها الجمهور.
وسيتصدى المجلس للقضايا الداخلة في اختصاصه بطرق متعددة.
فسيكون لجلالتنا الشريفة في المقام الأول أن تطلب منه دراسة أي قضية عامة أو خاصة نريد أن نستنير برأيه فيما تتطلبه من حلول، كما سيكون في وسع المجلس أن يقرر بأغلبية ثلثي أعضائه التصدي تلقائيا لأي قضية يريد أن يلفت إليها سامي نظر جنابنا الشريف.
ومن نافلة القول أن نؤكد أن الأجهزة القضائية والإدارية سيكون عليها أن تبذل للمجلس جميع ما تستطيع من وجوه المساعدة.
ولنا كامل اليقين أن المؤسسة الجديدة ستتيح لدولة القانون في بلدنا أن تخطو خطوات أخرى إلى الأمام، استجابة للإرادة المشتركة لجلالتنا الشريفة والأمة المغربية جمعاء.
لهذه الأسباب،
وبناء على الفصل 19 من الدستور،
أصدرنا أمرنا الشريف بما يلي :
المادة الأولى
يحدث بجانب جلالتنا الشريفة مجلس استشاري لحقوق الإنسان، تكون مهمته مساعدة جنابنا الشريف في جميع القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
المادة الثانية
يرأس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الرئيس الأول للمجلس الأعلى ويتألف من أعضاء الآتي بيانهم :
أ. وزراء :
- العدل ؛
- الشؤون الخارجية والتعاون ؛
- الداخلية ؛
- الأوقاف والشؤون الإسلامية.
ب. ممثل لكل هيئة من الهيئات التالية :
- الأحزاب السياسية ؛
- النقابات المركزية ؛
- جمعيات حقوق الإنسان ؛
- رابطة القضاة بالمغرب ؛
- جمعية هيئات المحامين بالمغرب ؛
- هيئة الأساتذة الجامعيين ؛
- هيئة الأطباء الوطنية.
ج. شخصيات يراعى في اختيارهم ما يتمتعون به من كفاءة في مجال حقوق الإنسان وما يتحلون به من نزاهة واستقامة.
المادة الثالثة
يعين أعضاء المجلس المنتمون إلى الفئات المنصوص عليها في ب) وج) أعلاه بظهير شريف لمدة سنتين قابلة للتجديد.
ويعين ممثلو الأحزاب السياسية والنقابات المركزية وجمعيات حقوق الإنسان وجمعية هيئات المحامين بالمغرب وهيئة الأطباء الوطنية من قائمة تضم أسماء ثلاثة أشخاص تقترحها كل واحدة من الجهات المعنية.
المادة الرابعة
يتولى أمانة المجلس أمين عام يعين بظهير شريف من بين أعضاء المجلس.
المادة الخامسة
يجتمع المجلس كلما دعت حاجة إلى ذلك ومرتين في السنة على الأقل، وذلك بدعوة يوجهها رئيسه بمبادرة منه أو تنفيذا لأمر صادر عن جلالتنا الشريفة.
وللمجلس أن يعهد إلى بعض أعضائه بتكوين مجموعات عمل تتولى دراسة قضايا خاصة وترفع إليه ما تراه مفيدا من التوصيات في شأنها.
وللمجلس ولمجموعات العمل أن تستمع إلى شخصيات يتمتعون بكفاءة خاصة في مجال حقوق الإنسان أو تستشيرهم إذا رأت فائدة في ذلك.
المادة السادسة
يعرض الرئيس على المجلس القضايا التي يريد جنابنا الشريف أن يستشيره في شأنها، وللمجلس أن يقرر بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم التصدي تلقائيا لقضايا يرى من المفيد إطلاع جلالتنا الشريفة عليها.
المادة السابعة
يجوز نشر آراء المجلس ومجموعات العمل المنبثقة عنه بتعليمات من جلالتنا الشريفة.
المادة الثامنة
تبذل المحاكم والإدارات جميع المساعدات اللازمة للمجلس، وذلك إما تلقائيا وإما بطلب منه.
المادة التاسعة
ينشر ظهيرنا الشريف هذا في الجريدة الرسمية.
وحرر بالرباط في 24 من رمضان 1410 (20 أبريل 1990)
وقعه بالعطف
الوزير الأول
الإمضاء : الدكتور عز الدين العراقي