تدشين مؤسسة "أرشيف المغرب": من أجل كتابة عقلانية وتعددية للتاريخ
قال السيد ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن مؤسسة "أرشيف المغرب" التي أضحى المغرب يتوفر عليها تعد "إحدى أهم المؤسسات التي يحتاجها كل بلد ديمقراطي حداثي من أجل كتابة عقلانية وتعددية لتاريخه وحفظ ذاكرته".ودعا السيد اليزمي، خلال حفل تدشين مؤسسة "أرشيف المغرب" الذي جرى يوم الجمعة 27 ماي 2011 بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، إلى تعبئة جميع الفاعلين من أجل جعل "أرشيف المغرب" مؤسسة فعالة تتوفر على كل التكنولوجيات الضرورية وقادرة على الاستجابة للحاجيات الوطنية مع احترام المعايير الدولية".
وذَكَر السيد اليزمي بأن التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة تضمن العديد من التوصيات الخاصة بمجال التاريخ والذاكرة وسياسة الأرشيف وضمانات الولوج له. وذلك من أجل تسهيل إقامة علاقة علمية هادئة مع التاريخ والذاكرة، مبرزا أن الهيئة أصدرت هذه التوصيات على إثر ما عاينته من وضعية مزرية لجزء من الأرشيف العمومي والخاص وغياب إطار مؤسساتي وطني حديث مكلف بسياسة جمع وجرد وحفظ الأرشيف.
يشار إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان حرص، في إطار متابعة تنفيذ توصيات الهيئة، على الإسهام في مسار إخراج مؤسسة الأرشيف للوجود وذلك من خلال مواكبة مسار إعداد القانون رقم 99/69 المتعلق بالأرشيف، تشكيل مجموعة عمل حول مجال "الأرشيف الذاكرة والتاريخ" مكونة من خبراء ومختصين عهد إليها اقتراح سبل النهوض بالأرشيف العمومي، إجراء العديد من اللقاءات مع الفاعلين المعنيين من أجل تفعيل قانون الأرشيف خاصة وزارة الثقافة، تنشيط النقاش العمومي حول الموضوع عبر تنظيم جملة من الندوات، وكذا تنفيذ "برنامج مواكبة تنفيذ توصيات الهيئة في مجال التاريخ والذاكرة." الممول من طرف الاتحاد الأورويي بغلاف مالي يبلغ 8 مليون أورو.
من جانبه أوضح السيد سالم حميش، وزير الثقافة، أن مؤسسة "أرشيف المغرب" ستعمل على "صيانة الذاكرة المغربية" من خلال تكوين الساهرين على المؤسسة إداريا وتقنيا، تمكين الباحثين من الولوج للوثائق، رقمنة الوثائق وتزويد المؤسسة بالحوامل والدعامات التقنية اللازمة. وأعرب السيد حميش عن قناعته بأن الأرشيف "لا يمثل المعبر الضروري للذاكرة فحسب، ولكن لمحاولة فهم الآليات والميكنزمات والنصوص التي قام عليها المجتمع سواء في المجال الثقافي، الحضاري، الفكري والسياسي...".
أما السيد محجوب الهيبة، المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، فقد حرص على التذكير بالدور الأساسي الذي لعبته هيئة الإنصاف والمصالحة في تعزيز الاهتمام بالأرشيف الوطني ووضع الأسس القانونية والمؤسساتية للنهوض به.
ودعا السيد الهيبة إلى ضرورة "تملك كل مكونات المجتمع للأرشيف الذي لازال يعاني التهميش ببعض مرافق القطاع العمومي والخاص" كما أبرز أهمية التكون والتكوين المستمر في مجال الأرشيف.
من جانبها، قالت السيدة أندري كولين، ممثلة مندوبية الاتحاد الأوروبي بالمغرب، إن الاتحاد يولي، في إطار دعمه ومواكبته لتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، أهمية بالغة لحفظ الأرشيف، مشيرة إلى أنه ’بدون أثر لا وجود للذاكرة وبدون ذاكرة لا وجود للتاريخ". وهو الإطار الذي يأتي فيه، تضيف السيدة أندري، دعم الاتحاد الأوروبي لتهيئة وتجهيز مؤسسة "أرشيف المغرب" وتكوين العاملين بها، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بـ"ورش كبير، ذو طابع مركب لكنه واعد ".
وفي كلمته بالمناسبة، قال السيد جامع بيضا، مدير مؤسسة "أرشيف المغرب" إن مؤسسة من هذا القبيل تعد من "المشاريع العظيمة" التي لا تستقيم إلا بتوفير الاعتمادات البشرية والمالية الهامة وانخراط جميع الفاعلين والوعي بأهميتها في تقوية بناء الدولة العصرية المتشبعة بقيم الديمقراطية. وفي هذا الصدد دعا السيد بيضا إلى "ضرورة القيام بحملة تواصلية شاملة للاهتمام بالأرشيف".
يذكر أنه تم إحداث مؤسسة "أرشيف المغرب" بموجب القانون رقم 99/69 المتعلق بالأرشيف الصادر في 30 نونبر 2007 كمؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتناط بها أساسا مهمة صيانة تراث الأرشيف الوطني والقيام بتكوين أرشيف عام وحفظه وتنظيمه وتيسير الاطلاع عليه لأغراض إدارية أو علمية أو اجتماعية أو ثقافية.
وتمارس مؤسسة "أرشيف المغرب" اختصاصات النهوض ببرنامج تدبير الأرشيف، صيانة تراث الأرشيف الوطني والنهوض به، وضع معايير لعمليات جمع الأرشيف وفرزه وإتلافه وتصنيفه ووصفه وحفظه الوقائي وترميمه ونقله في حوامل مخصصة للأرشيف، والنهوض بمجال الأرشيف عن طريق البحث العلمي والتكوين المهني والتعاون الدولي. كما تناط بأرشيف المغرب "مهام جمع مصادر الأرشيف المتعلقة بالمغرب والموجودة في الخارج ومعالجتها وحفظها وتيسير الاطلاع عليها".
يدير هذه المؤسسة، التي ستتخذ من المقر السابق للخزانة العامة مقرا لها، مجلس إداري ويسيرها مدير. يتألف المجلس الإداري للمؤسسة بالإضافة إلى رئيسه، من ممثلين عن الدولة ومن شخصيات يعينها الوزير الأول، يتم اختيارها من القطاع العام أو الخاص بناء على كفاءتها فيما يتعلق بالمحافظة على الأرشيف ويعينون لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة